رسالة إلى د. عصام شرف: نرجوك استقل !

د. عصام شرف: أكتب إليك عبر الإنترنت لأني أخشى ألا تصلك رسالتي إلا بعد فوات الآن .. أكتب إليك معبراً عن لسان حال مئات الآلاف ممن يحبون مصر ويحبون لك الخير .. أكتب إليك ليس لأني لا أعرفك .. بل ما كتبت لك إلا لأني أعرفك .. ومئات الآلاف من شعب مصر يريدون منك في هذه اللحظة موقفاً واحداً تبدأ به المرحلة الأهم من حياتك السياسية في حب مصر .. وأعني فعلاً .. تبدأ به (ولا تنهي به كما قد يظهر) نقلة جديدة في حياتك العملية لخدمة مصر .. إنه .. الاستقالة الفورية من مجلس الوزراء .. قبل جمعة 8 يوليو .. وليس بعدها.


د. عصام .. إن أعداء الثورة يكيدون لك في موقعك الحالي، ويريدونك كبش فداء لخطاياهم وموبقاتهم في حق شعب مصر .. يريدون فيك الزهد في السلطة ليتخلصوا منك وقت ما شاءوا هم .. يريدون منك العاطفة النبيلة التي يمكن بسهولة توريطها في مواقف يصعب الدفاع عنها لإحراجك فيما بعد .. يريدون منك الطيبة والرحمة التي يمكن أن تستخدم متى شاءوا ذريعة للتخلص منك بدعوى أنك لم تكن الشخص المناسب .. يريدون منك أن تتجول في دول العالم وتترك مصر وقت الأزمات ليسهل في أي لحظة اتهامك بعدم المسؤولية أو انعدامها رغم أنك لم تكن مخيراً في تلك القرارت ولكن لن يسمح لك يومها أن ثبت ذلك. من أجل ذلك نطلب منك الاستقالة .. حباً في الخير لك.


إن مكانك الطبيعي يوم الجمعة القادمة لا يمكن أن يكون .. د. عصام .. في تقييم ومواجهة وتحجيم غضبة أبناء مصر على استمرار الجرائم الموجهة ضد الثورة، ولكن مكانك الطبيعي والوحيد والصحيح هو بين أمثالك ممن يعشقون مصر .. في ميدان التحرير .. في قلب الميدان ليس كرئيس وزراء يبحث عن صورة مناسبة .. أو تأييد وهمي لسياسات خاطئة، وإنما كمواطن شريف أقسم أمام الله ألا يخون الأمانة أو أن يستخدم لخيانة الأمانة .. أو أن يعلم أن الأمانة تتم خيانتها، ويبقى من منصبه .. مكانك يوم الجمعة د. عصام هو وسط الشعب كمواطن يحتمل أن يضربه الفاسدين من أجهزة الشرطة والأمن لا أن يضربوا له التحية عند دخول الميدان .. مكانك د. عصام هو أن تكون معنا تستنشق الغاز المسيل للدموع .. لا أن تبكي وطنك من شرف المجلس بالدموع .. مكانك د. عصام يوم الجمعة القادمة حيث تستنشق الهواء النقي للحرية والثورة .. لا تلك الروائح الكريهة للفساد التي تحيط ببعض رموز وزاراتك .. مكانك الطبيعي يوم الجمعة هو في قلب الميدان .. مواطناً من أبناء مصر .. ثائراً يحترق على وطن .. إنساناً يبحث لبلده عن نهضة .. ورئيس وزراء سابق لن يدخل السجن إلا كما يدخله شرفاء مصر .. حباً في الوطن وغيرة على مستقبله .. هذا مكانك د. عصام .. فلا تقبل دونه بمكان. أستقل!


لو كنت مكانك د. عصام لما استقلت أبداً في السر .. لما كتبت استقالتي لتعرض على أحد، أو ليتم بحثها. أدعوك د. عصام أن ترسل استقالتك إلى كل الجهات المعنية في لحظة واحدة .. دعني أذكرك بالجهات المعنية بثورة مصر .. إنها المجلسين بلا شك .. وهي كذلك كل وسائل الإعلام الحر والشريف في مصر .. هي كل صفحات الإنترنت التي تشتعل غضباً وحرقة على حال مصر .. إنها كل ثوار التحرير وكل القوى الوطنية التي انطلقت بعد الثورة تحاول بناء مصر .. إنها صفحتك الشخصية على الفايس بوك .. إنها حسابك أنت على التويتر وكل وسائل التواصل الاجتماعي التي استخدمتها طوال الأسابيع الماضية لتصلنا عبرها رسائل النظام التي تم تمريريها لنا .. آن لحسابك على الفايس بوك وعلى التويتر أن ينحاز إلى د. عصام شرف .. وإلى مصر .. وليس إلى غيرهم .. كل تلك الجهات المعنية .. يجب أن تصلها في نفس اللحظات استقالتك عندما تقرر إعلانها .. د. عصام .. لا تبحث اليوم عن الحرفية في الاستقالة فهي خدعة سيتم تسويقها لوقف استقالتك أو استباقها .. ابحث عن الانحياز للثورة والانحياز إلى عصام شرف .. الإنسان .. المواطن .. سترى عندها أن المهنية المزعومة ليست إلا خدعة في هذه اللحظة الفارقة.. وأن من صالحك ومن حقنا كلنا أن نعلم باستقالتك عند حدوثها!


وصفت حالك .. وانا محب لك .. لمن يحبونك .. أنك كمن "بلع موس" فلا أنت قادر على لفظه دون ألم .. ولا أنت قادر على ابتلاعه دون ألم .. ولن تستطع أن تبقي الحال كما هو أيضاً بلا ألم. كل الحلول بها ألم، ولكن أخطرها أن تتأخر في اتخاذ قرار التخلص من الألم. ألفظ الموس .. مهما كانت شدة الألم .. فألم ساعة ولا أن تبقى ما بقي من العمر في ألم. ألفظ هذا المنصب قبل أن يقضي هو عليك .. لا لأنك قصرت .. ولكن لأن مكانك في هذه اللحظة ليس هناك .. وإنما هنا. امامك فيما أرى ساعات محدودة قبل أن ينزلق هذا الموس إلى أحشائك .. ويبدأ في تقطيعها. ألفظ المنصب قبل الجمعة لتحفظ مكانك ومكانتك، ولا تخش على مصر، فستسطيع حمايتها وخدمتها بعد الاستقالة أضعافاً مضاعفة. بالله عليك يا دكتور عصام .. استقل!


لا تسأل المستشارين فلهم في بقائك منفعة، وليس هذا طعناً في أحد .. ولكنها حقيقة مجردة. لا تسأل القيادات، فهم بحاجة إليك حتى لو تم في الغد التضحية بك .. فالأمر فعلاً معضلة.. اسأل بواب عمارتك .. اسأل أصدقاء العمر ممن لم يقتربوا منك مؤخراً طمعاً في لحظات الشهرة .. وإنما ابتعدوا قليلاً ليتمكنوا من رؤية الأمر كما هو .. ليلاحظوا التغيرات حولك ليخبروك .. متى حانت اللحظة الفاصلة .. اسأل أسرتك .. اسأل من لا يريدون منك وأنت في هذا المقام منفعة .. اسألهم أن يصدقوك القول، وستعرف في عيونهم وليس عبر كلماتهم أنها قد حانت .. لحظة المغادرة .. بالله عليك يا دكتور .. استقل!


أنا لم أتحدث في هذه الرسالة عن حلول مشكلات مصر .. متعمداً .. لم أتحدث عن المخاطر التي يمكن أن تحدث لمجلس الوزراء إن غادرته فجأة .. قاصداً .. لأن ما يعنيني في هذه الرسالة هما أمران فقط .. مصر .. وعصام .. ومن أجلهما معاً .. أرى أن تقدم استقالتك .. وأن تجعلها معلنة .. وألا تكون مسببة .. فكلنا نعرف القصة وما حولها .. وأن تخبر الكل بها في لحظات متقاربة .. وألا تنتظر المثوبة على ما فعلت إلا من خالقك، وأن تعود إلى مكانك الصحيح في المرحلة القادمة .. مواطن مصري من أبناء ثورة مصر .. غاب فترة .. وها هو يعود لها .. بالله عليك يا دكتور .. استقل!
د. باسم خفاجي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

10 Amazing Facts You Didn’t Know About Domain Names

وكالة الأنباء الهولندية : القذافي تعرض للإغتصاب بعصاه قبل وفاته #Gaddafi #Libya

حملة إعرف فلولك وعلم عليه : #شفيق لم يقم بطلعة جوية واحدة في حرب 73 !!